إعلانات

مدونة أعمال الفنانة رشا رزق إبدأ البزنس الخاص بك وابحث عن عمل لك من خلال المنزل

2012/11/06

براءة طفل

صباح الخميس - 1/11/2012
7:40 am


كنت خارجاً من محطة المترو أجر حقيبتي خارجاً
اتصلت بصديقي لأعلمه بوصولي واخبرته انني انتظره خارج المحطة

كانت بطني تشكو فراغها
تركت حقيبتي بجوار المحطة
وتمشيت لاصل إلى عربة فول تقف امام المحطة 
وسألت ذاك الصبي الواقف عليها 
"هو هنا فول بس ؟"
فطأطأ برأسه بالموافقة
لسوء الحظ فأنا لست من محبي الفول
فعدت أدراجي مرة أخرى لأجل بجوار حقيبتي
أخذت أتأمل حركة الناس في الصباح الباكر 
المسافر والطالب والموظف
جلس احدهم بجواري فالتفت إليه لأجده نفس ذاك الصبي الذي سألته
لم يكن صاحب العربة ولكنه كان مشتري فقط

بدأ يأكل هو طعامه وأنا اتصفح لافتات الطريق الموضوعة
فإذا به ينظر إلي ويقول 
عمو عمو ... فالتفت إليه .. هو ايه اللى مكتوب عاللوحة دي ؟

فنظرت إليها وقلت له
 - "سوريا تستغيث !"
- وهو فعلاً بيبقو جثث كتير كدا جنب بعض ولحد دلوقتي ؟
- اه بيبقو كدا .. مش الحرب لسه شغالة لحد دلوقتي ؟
- طب وهو مصر ليه مش بتدافع عنهم ؟

فنظرت بعيدهاً وابتسمت ابتسامة تخفي الحسرة بداخلها وقلت له
- مش لما نقدر ندافع احنا عن نفسنا الاول !
- طب وهما معندهمش داخلية زيينا ؟
- لا عندهم بس مش محتاجين .. ده الجيش اللى بيضرب فيهم
مش احنا كانت الداخلية بتضربنا بس الجيش كان محترم ومضربش ؟
- اه
- طيب هما بقى الجيش اللى بيضرب شوف الجثث حتبقى قد ايه بقى
ودول جيش بيضرب في شعبه مش حنعرف احنا نقف في النص
- اه .. يعني لازم هما يعتمدوا على نفسهم زي ما احنا عملنا صح ؟
- اه بالظبط كدا
- بس دول ليهم اكتر من سنة كدا لسه مخلصوش ؟
- اه تصدق دول عدو سنة فعلاً .. ربنا يعينهم

فنظر الفتى إلى رغيفه وعاد ليقضم من رغيفه مرة اخرى وبدأ يسرد
- انا كنت واقف من 4 شهور كدا ايام ما كان في ثورة 
ولقيت البتاع المسيلة للدموع دي قبل ما اعرفها اترمت قدامي
وعمال بيطلع منها دخان كتير .. رحت عشان امسكها "لجيتها مولعة جوي "
بص عملت ايدي ازاي 
وبعد كدا مشفتش حاجة وراحوا الناس طلعوني وقعدوا يعملولي كدا على صدري وبتاع لحد ما فقت

- من 4 شهور دي كانت انهي ثورة بالظبط عشان هما كتار
- مش عارف تقريباً ثورة 25 يناير 
- يناير من 4 شهور ؟
- مش عارف بس هي من 4 شهور
- ايه يوليو مثلاً ؟ هو اللى كان من 4 شهور
- مممم .. يمكن اه هي يوليو
- كانت فين طيب ولا عن ايه ؟
- الثورة اللى كانت على كوبري قصر النيل اللى كان فيها المطافي اللى بترش الناس بالمية دي
- مطافي ! انت بقى تقصد الثورة الكبيرة بقى ثورة 25 يناير .. اللى من سنة ونص دي ؟
- اه هي دي بس من 4 شهور 
- ياراجل دي عدت قربت تكمل سنتين 
- سنتين ! والله ؟
- اه شوفت 

حقاً ما أشبه الليل بالبارحة
ربما بالأرقام .. قد مرت سنتين بالفعل
لكن فعلياً نحن لم نشعر بتقدم بضعة شهور حتى 

نظرت إليه مرة أخرى وهو منهمك في طعامه
- قولي بقى انت اسمك ايه
- عمر
- في سنة كام ياعمر او عندك كام سنة ؟
- انا في مش في مدرسة .. عندي 14 
- وسبت المدرسة ليه ؟
- عشان بيضروبونا 
- ليه؟
- عشان مبنذاكرش
- وليه مبتذاكرش؟
فأطلق ابتسامة صفراء وقال لي
- في ناس بيبقى مخها شغال وناس تانية زيي كدا مخها عطلان مبتفكرش
- قصدك في ناس بتبقى عايزة تشغل مخها وناس تانية مش عايزة .. مش كدا ولا ايه ؟
بصوت خافت قال لي .. "اه" وامسك بساندوتش من يده وقالي " تاخد ؟"
فتبسمت وقلت له " تسلملي بالهنا والشفا"
- قولي بقى انت ساكن فين ؟
- في الشارع
- بتعمل ايه ؟
بشحت
- معندكش اهل ؟
- عندي .. في البلد
- وانت مش قاعد معاهم ليه ؟
فنظر الطفل إلى لقمته الاخيرة فأكلها ونظر بعيداً وقال لي
- ظروف !
مش عايز حاجة ؟
فشكرته وغادر من جواري 

وحينها كان صديقي قد وصل ليصطحبي
فتمشيت معه وأنا أحكي له اول قصة محادثة بيني وبين احد اطفال الشوارع
كم هو حقاً شعوراً لطيفاً أن تمضي وقت بتلك الطبقة التي تشعر بنبذ المجتمع إليها
رغم أنني لم انظر هذا فيه ولم احس فيه بكرهه للحياة
ولكنني حسدت فيه بساطته ونظرته للحياة رغم ما يجده منها
أتمنى أن أصل لليوم الذي لا أضطر فيه لمقابلة "طفل بيشحت"

2012/11/04

معركة قطار

كانت الساعة الواحدة مساءً 
ها قد وصل أخيراً قطاري المتأخر ساعتين
فقد انتظرت 6 قطارات متأخرة تسبقه لا ادري أين كانت

وحين استقر القطار وبدأ الناس في الصعود
كانت العربة "5" هي العربة الوحيدة التي يصعد وينزل منها الناس
فكان التكدس فيها هائلاً

الناس بالخارج طفح بها الكيل .. ومن بالقطار اصابهم الملل الشديد
فهؤلاء يريدون أن يلحقوا القطار قبل ان ينطلق مرة أخرى
وهؤلاء لا يكادون يطيقون المكوث فيه 
باستغلال ضئالة حجمي استطعت النفاذ سريعاً إلى الداخل
وانتظرت إلى الباب المقابل إلى أن يهدأ الوضع فاجد مقعدي

كان التزاحم يشتد شيئاً فشيئاً واصحبت اسمع صرخات الاطفال في المنتصف
حتى أنني انتشلت فتاة من والدتها كادت تختنق، وحملتها إلى ان استطاعت والدتها شق طريقها إليّ
فحملت طفلتها وظلت تبحث عن اخيها الذي ضاع في الزحام حتى اخرجه لها احد الواقفون

مرت عشر دقائق ومازال الطريق مسدوداً
ولا استطيع ان اقول ان نصف الركاب قد غادروا لإن بعضهم كان لا يزال يعود لحمل بقية الحقائب !
بدأ القطار يهم بالتحرك وجن جنون الناس 
فبدأ من بالداخل يدفعون بكل قوة للامام 
فمكن كانوا على الباب يهمون بالدخول تناثروا إلى الخارج
كنت اخشى ان يسقط احدهم او تزل قدمه تحت القطار
فالقطار يتحرك بالفعل والناس قد علت اصواتهم وبدأ بينهم صراع مستعجل
واستمر ذاك "العجن" ما يقرب من ثلاثة دقائق اضافية حتى انطلق القطار اخيراً
وأكملتهم دقيقتين اخرتين بينما الناس يعيدون ترتيب انفسهم ويدخلون إلى مقاعدهم
وهكذا مكثت ربع ساعة كاملة بين محاولة دخولي من باب القطار وحتى وصولي إلى مقعدي 
أحمد الله أنني لم أكن من ضحايا هذه المعركة .. فقد كنت فقط شاهد عيان من قلب الحدث

لست أدري أي تنسيق هذا يجعل ركاب محطة واحدة يدخلون جميعهم من باب عربة واحدة
لو كانوا على الاقل بابين فقط لكانت تلك المشكلة ابسط كثيراً مما كانت عليه

والأغرب من ذلك أنني حتى وصولي إلى محطة رمسيس 
ورغم ان الرحلة تأخرت ساعة ونصف إضافية في طريقها
ليصل اجمالي الرحلة 8.5 ساعة بدلاً من خمس ساعات
إلا أنه لم يمر علينا كمسري ولم يسأل أحدهم عن التذاكر مطلقاً